تبحث تونس كغيرها من البلدان بالجوار الاقليمي عن خيارات استراتيجية في ظلّ التحوّل الرقمي وعدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي.
وفي ظل هذا المخاض انعقد المنتدى السنوي الدولي ل"اكونوميست ماغريبان" يوم الثلاثاء 20 ماي 2025 تحت عنوان "تونس في مواجهة الوضع العالمي الجديد: ما هي الخيارات الاستراتيجية في عصر الذكاء الاصطناعي؟"، جمع ما يقارب 400 مشارك من خبراء وصناع قرار وقادة أعمال، لمناقشة التحديات والفرص المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وقد أتاح هذا الحدث، الذي نُظّم بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية وبعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، فرصةً لمناقشة تحديث قطاعات رئيسية، مثل صناعة السيارات والأدوية والتمويل، بهدف تعزيز مكانة تونس كمركز إقليمي للابتكار.
الذكاء الاصطناعي وتحديث الاقتصاد التونسي
ركّز المتدخلون خلال المنتدى على الدور التحفيزي للذكاء الاصطناعي في المشهد الاقتصادي العالمي، ناقش متخصصون ومتحدثون رفيعو المستوى مواضيع ذات صلة، وتناولوا تأثير الذكاء الاصطناعي على عدة قطاعات، بما في ذلك الصناعات الدوائية والسيارات والتصرف المالي.
وفسر المدير العام ل"ليكونوميست مغاريبين"، هادي مشري، اختياره للموضوع بسياق عالمي جديد يتميز بتطورات جيوسياسية سريعة، كانت علاماتها الأولى ملحوظة منذ بعض الوقت، ولكنها تسارعت مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة.
كما استذكر الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس الأمريكي عند تنصيبه، والتي سرعان ما تراجع عنها وهو تراجعٌ فرضته الوقائع الاقتصادية والاستراتيجية. وأشار المشري إلى التأثير العميق للذكاء الاصطناعي على منظومة التفكير البشري، وأنماط الإنتاج، والاستهلاك، والرعاية الصحية، والسفر، مؤكدًا أن هذه التكنولوجيا تُمثل رافعةً لتسريع تحديث الاقتصاد التونسي."لهذا السبب، يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي في صميم شراكة تونسية أوروبية متجددة تُركز على الابتكار والمسؤولية. الهدف هو الحفاظ على ميزتنا التنافسية وتعزيزها، ولو على مستوى سلاسل القيمة التي تُهيمن حاليًا على المشهد الصناعي التونسي و انتهت حرب التعريفات الجمركية قبل أن تبدأ فعليًا." وأضاف: "لقد غيّر ظهور دول الجنوب العالمي، بقيادة الصين، الوضع. ويتخلل طريق الحرير عروض شراكة استراتيجية موثوقة وفي الوقت المناسب".
واختتم قائلاً: "السير في ركاب التحديث هو جوهرٍ ومضمونٍ للخيارات الاستراتيجية في عصر الذكاء الاصطناعي، نحتاج إلى الجرأة والتضامن لمواجهة تحديات التطورات الجيوسياسية، لا شيء أفضل من التكتل. لم يعد لدينا وقتٌ نضيعه، لنفتح صفحةً جديدةً في مسيرتنا الصناعية. صفحةٌ مدفوعةٌ بالابتكار والمسؤولية."
هشام تركي: "إنشاء منظومة ديناميكية بين التعليم العالي والبحث العلمي وقطاع الأعمال"
في حين قال هشام تركي، الرئيس التنفيذي ل"نوفيشن سيتي" القطب التكنولوجي بسوسة أن تونس تمتلك رصيدًا قويًا وهو مواهبها. وأضاف: "أولويتنا هي إعداد هذه المواهب، وتزويدها بالوسائل اللازمة للتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي. ولتحقيق ذلك، استثمرنا في قدرات الحوسبة لتزويدهم بالموارد اللازمة. كما أنشأنا مصنعًا ذكيًا، وهو ساحة لعب حقيقية لاختبار وتطوير التطبيقات المبتكرة. ومن المقرر أن يبدأ هذا المشروع، الكائن في نوفيشن سيتي، العمل بحلول نهاية أوت أو أوائل سبتمبر. وسيُصبح هذا الموقع موقعًا رائدًا، مثاليًا لجمع الطلاب والباحثين والشركات حول التكنولوجيا. الهدف واضح وهو إنشاء منظومة ديناميكية بين التعليم العالي والبحث العلمي وقطاع الأعمال. يتيح هذا الإطار للأفراد الموهوبين الالتقاء بالجهات المعنية اقتصاديًا، والتعاون معهم، والمشاركة في تطوير الحلول التكنولوجية". ويهدف هذا التآزر إلى توليد التكنولوجيا من خلال مواهبنا، وفي نهاية المطاف، إلى دفع عجلة الاقتصاد التونسي نحو الأمام.
انتصار عنتر