انبعاث 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنة 2024

انبعاث 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون  سنة 2024

 

 

كشف أحدث تقرير للبنك الدولي عن قفزة مثيرة للقلق في كميات الغاز الطبيعي التي تُحرق حول العالم، فقد وصل حجم الحرق العالمي للغاز إلى 151 مليار متر مكعب عام 2024، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007، بزيادة 3 مليارات متر مكعب مقارنة بالعام السابق.

يعادل هذا الهدر الهائل استهلاك قارة إفريقيا بأكملها من الغاز الطبيعي في عام واحد، ويمثّل خسائر اقتصادية تقارب 63 مليار دولار.

أمّا بيئياً، فقد أسفر عن انبعاث 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، منها 46 مليون طن من غاز الميثان شديد الضرر بالمناخ.

وبحسب «تقرير تعقّب حرق الغاز العالمي» الصادر من قِبل البنك الدولي في يوليو تموز 2025، تتركز ثلاثة أرباع عمليات الحرق في تسع دول فقط، رغم أن هذه الدول لا تمثل سوى أقل من نصف إنتاج النفط العالمي.

ويشير التقرير إلى أن كثافة الحرق، أي كمية الغاز المحروقة لكل برميل نفط، لم تنخفض فعلياً منذ 15 عاماً، ما يعكس غياب التقدم الجاد رغم الالتزامات المعلنة.

ارتفاعات حادة في دول بعينها مقابل جهود خفض ناجحة في أخرى

شهدت بعض الدول زيادات كبيرة في حجم الغاز المحروق خلال عام واحد فقط، وعلى رأسها إيران (+2.4 مليار متر مكعب) ونيجيريا (+0.7 مليار متر مكعب).

ويُعد هذا الاتجاه مقلقاً من حيث الأثر البيئي، خاصة في ظل الالتزامات الدولية للحد من الانبعاثات. في المقابل، تمكنت دول مثل البرازيل وليبيا وبقية العالم من خفض معدلات الحرق، ما يعكس جهوداً ناجحة في تحسين كفاءة الإنتاج أو تطبيق سياسات بيئية أكثر صرامة.

على مدى أكثر من عقد، ارتفعت كميات الغاز المحروق بشكل كبير في إيران (+11.8 مليار متر مكعب) والعراق وروسيا، ما يعكس إما توسعاً في الإنتاج النفطي غير المصحوب بإدارة فاعلة للغاز المصاحب، أو غياباً للاستثمارات في تكنولوجيا الالتقاط.

في المقابل، سجلت نيجيريا وبقية العالم أكبر انخفاضات، ما يُشير إلى تطبيق سياسات احتواء ناجحة أو تحسن في البنية التحتية لمعالجة الغاز.

تشير الكثافة إلى كفاءة الحرق مقارنة بالإنتاج. وارتفعت الكثافة بشكل مقلق في فنزويلا (+17.4) والجزائر والإكوادور، ما يدل على تدهور في كفاءة المعالجة أو البنية التحتية.

في المقابل، انخفضت الكثافة بشكل ملحوظ في تركمانستان ومصر وكازاخستان، ما يعكس تحسناً في إدارة الموارد أو استثمارات في تقنيات تقليل الفاقد الغازي.

يعتبر الشرق الأوسط من بين المناطق الأكثر نشاطاً في الحرق، خصوصاً في الدول التي لم تنضم بعد إلى مبادرة «إنهاء الحرق الروتيني للغاز بحلول 2030»، والتي أطلقتها مجموعة البنك الدولي.

وعلى العكس من ذلك، أظهرت الدول المنضمة لهذه المبادرة انخفاضاً بنسبة 12% في كثافة الحرق منذ 2012، في حين سجلت الدول غير المنضمة ارتفاعاً بنسبة 25%.

وأكد مدير الشراكة العالمية لخفض الحرق والانبعاثات في البنك الدولي، زوبين بامجي، أن الحلول الفنية والتمويلية متوفرة، «لكن بدون إرادة سياسية قوية وتعديلات تنظيمية جادة، سيظل الحرق يمضي قدماً مهدداً المناخ والاقتصادات».

يُذكر أن البنك الدولي يدير صندوق الشراكة العالمية لتقليل حرق الغاز وانبعاثات الميثان «GFMR» الذي يقدم الدعم الفني والتمويلي والمشورة السياسية للحد من الحرق وانبعاثات الميثان.

في أوزبكستان مثلاً، أسهم المشروع في خفض تسرب الميثان بمعدل 9000 طن سنوياً، مع إمكانية بلوغ 100 ألف طن مستقبلاً.

النتيجة واضحة.. استمرار تجاهل هذا الهدر لن يكون فقط خسارة اقتصادية، بل ضربة لأهداف العدالة المناخية والطاقة المستدامة، خاصة في البلدان النامية.

ومن الجدير بالذكر أن حرق الغاز هو عملية إشعال الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط عبر مشاعل ضخمة في مواقع الإنتاج، بهدف التخلص منه بدلاً من تخزينه أو استغلاله. عند استخراج النفط من باطن الأرض، يخرج معه غاز طبيعي،غالباً ميثان.

إذا لم تتوفر بنية تحتية لنقله أو معالجته، مثل أنابيب الغاز أو محطات التسييل، تقوم الشركات بحرقه مباشرة في الهواء.

يعتبر ذلك مضراً لأن الغاز المحروق كان يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء أو كوقود منزلي وصناعي، خصوصاً في دول تعاني من نقص الطاقة.

كما الحرق يطلق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهو غاز دفيئة أكثر تأثيراً على المناخ بـ80 مرة من ثاني أكسيد الكربون خلال 20 عاماً، ويؤدي إلى تلوث الهواء بجسيمات دقيقة تسبب أمراض تنفسية وسرطانية.

بالإضافة لكل ذلك، فإنه يُضعف الأمن الطاقي، إذ إن الدول التي تحرق الغاز غالباً ما تستورده أيضاً، وهو تناقض اقتصادي.

 

Image